بسم الله الرحمن الرحيم ..
الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين ... أما بعد ..
أخبرنا ربنا الملك العظيم جل جلاله ، بكيفية حشر الكافرين إلى النار ، في خزي وصغار ، وذل وانكسار ، جاء ذلك في كتاب ربنا بأوضح البيان ، ومن أصدق قيلا من الكريم المنان
فكيف يساق الكفار إلى النار ؟
وما حال آلهتهم ؟
وما موقف النار منهم إذا اقتربو منها ؟
الناظر في كتاب الله تعالى يجد لذلك عددا من الصور ، منها :
الصورة الأولى :
- أنهم يحشرون كقطعان الماشية جماعات ، يصاح بهم من هنا وهناك
كما قال تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إلىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا } [ الزمر : 71 ]
وقال تعالى : { يَوٌمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ]
وقال : { وَيَومَ يُحشَرُ أَعدَآءُ اللَّهِ إلَىٰ النَّارِ فَهُم يُوزَعُون } [ فصلت : 19 ]
فهم يوزعون أي يجمعون ويزدحمون ويدفع بعضهم بعضا ، كما يفعل البشر بالبهائم
الصورة الثانية :
- أنهم يحشرون إلى النار على وجوههم ، لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم كما قال تعالى : { الَّذِينَ يُحشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِم إِلَىٰ جَهَنّمَ أُولَٰئِكَ شَرُّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلَا } [ الفرقان : 34 ]
وأقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم (( أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ؟ ))
ومع حشرهم على هذه الصورة المؤلمة المخزية على وجوههم فإنهم يحشرون عُميًا لا يَرَون ، وبُكمًا لا يتكلمون ، وصُمَّا لا يسمعون .
قال ربنا الملك جل جلاله : { وَنَحشُرُهُم يَومَ القِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِم عُميًا وَبُكمًا وصُمًّا مَّأوَىٰهُم جَهَنّمُ كُلّمَا خَبَت زِدنٰهم سَعِيرًا } [ الإسراء : 97 ]
الصورة الثالثة :
- أنهم يحشرون مع آلهتهم الباطلة وأعوانهم وأتباعهم ، كما قال تعالى : { احشُرُوا الَّذينَ ظَلَمُوا وَأَزوَاجَهُم وَمَا كَانُوا يَعبُدُون <22> مِن دُونِ اللّه فَاهدُوهُم إِلَىٰ صِرَاطِ الجَحِيم } [ الصافات : 22-23 ]
والمقصود بقوله تعالى { وَأَزوَاجَهُم } أي اشباههم ونظراؤهم ، والمرء يوم القيامة يحشر مع من أحب ، فمن أحب شيا حُشِر معه .
الصورة الرابعة :
- أنهم في حشرهم هذا مغلوبون مقهورون أذِلاّء صاغرون ، غير مكرّمين ولا محترمين ، كما قال تعالى : { قُل لِلّذِين َ كَفَرُوا سَتُغلَبُون وَتُحشَرُون إِلَىٰ جَهَنّمَ وَبِئسَ المِهَادُ} [ آل عمران : 12 ]
الصورة الخامسة :
- اقتباس :
- أنهم تَصُكّ مسامعهم أصوات النار وزفيرها ، فتمتلئ قلوبهم رعبا وهلعا ، كما قال ربنا الملك جل جلاله { إِذَا رَأَتهُم مِن مَكَانِ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا } [ الفرقان : 12 ]
الصورة السادسة :
- عندما يقبلون على النار ، ويعايِنون أهوالها ، يندمون ويتمنّون العودة إلى الدنيا كي يؤمنو ، كما قال تعالى : { وَلَو تَرَىٰٓ إِذ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يٰلَيتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّب بِئَايٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ } [ الأنعام : 27 ] ولكنهم لا يجدون من النار مفرا ، قال تعالى { وَرَءَا المُجرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّواقِعُوهَا وَلَم يَجِدُوا عَنهَا مَصرِفًا } [ الكهف : 53 ]
الصورة السابعة والأخيرة :
- يُدفع المجرمون بكل ذلّ إلى النار وبئس المصير ، كما وصف الله تعالى حالهم فقال : { فادخُلُوا أَبوَابَ جَهَنّمَ خٰلِدِينَ فِيهَا فَلَبِئسَ مَثوَى المُتَكَبِّرين } [النحل : 29 ]
وفي النهاية أسأل الله تعالى أن يجمعنا في الجنة مع رسله وأوليائه الكرام ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .